الاثنين، 21 سبتمبر 2009

معنى اتقوا الله

ذاك التقى

,معنى التقوى
ما هي التقوى؟ حقيقة لا أظنه يمر علينا يوم أو يومان أو ثلاثة إلا ونسمع من يقول: اتقوا الله، ولكن لو أوقفت إنسانا، وسألته ما معنى التقوى؟ قد يضطرب في إجابته، أو قد يفسرها بتفسير محدود، أو قد يخل بمعناها، ولذلك نحن بحاجة ماسة إلى هذا المعنى.
أذكر كنت في مسجد من المساجد، أو في الحقيقة مصلى وليس مسجدا فقام شاب صغير بعد الصلاة وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الإخوة اتقوا الله، والسلام عليكم ورحمة الله ومشى.
في الحقيقة كانت موعظة بليغة، وبدأ الناس يتساءلون هو قال اتقوا الله ورجع، هذه الكلمة تعادل في الحقيقة محاضرات في هذا الموضوع، لكن ما هي التقوى؟ ما معنى التقوى التي أقول: طالما سمعناها؟.
لنسمع إلى بعض تعريفات التقوى:
سأل عمر بن الخطاب t سأل أبي بن كعب عن التقوى، وانظروا إلى السؤال العجيب والإجابة الأعجب، ماذا أجاب أبي بن كعب؟ جلس يلقي محاضرة عن التقوى، لا، قال له: يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقا ذا شوك؟ قال: بلى، قال: ماذا صنعت؟ قال: شمرت واجتهدت، قال: فذلك التقوى.
نحن نسير في حياتنا يوميا في طريق مليئة بالأشواك تحتاج منا إلى التشمير، وإلى الاجتهاد حتى لا نقع في الخطأ، إن رفعت بصرك رأيت منكرا، إن خفضت بصرك رأيت منكرا، إن التفت إلى يمينك رأيت منكرا، إن التفت إلى الشمال رأيت منكرا، لا بد من الاجتهاد والتشمير فذلك التقوى يا أمير المؤمنين، ولذلك قال ابن المعتز يعبر عن إجابة أبي:

خـل الذنــوب صغيرها
وكبيرهــا ذاك التقـى


واصنع كماش فوق أرض
الشــوك يحذر ما يرى

لا تحــقرن صغــيرة
إن الجبال مـن الحصى

هذه الجبال التي ترون حصيات، هذه الوديان التي تسير أو تمشي على الأرض لقط، قُطر

لا تحــقرن صغـــيرة
إن الجبال مـن الحصى


سئل علي بن أبي طالب t عن التقوى فقال: التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل أربع كلمات عبر فيها الإمام t عن معنى التقوى؛ الخوف من الجليل، هل نحن فعلا نخاف من الجليل؟ أو نخاف من رؤسائنا؟ والله لقد رأيت بعض المسلمين يخاف من رئيسه أكثر من خوفه من الله -سبحانه وتعالى-.
قد تقولون: هل يمكن أن يحدث ذلك؟ أقول: نعم تجده ينفذ أمرا إداريا خطأ، فتقول له: يا أخي لا يجوز، يقول: ماذا أعمل؟ رئيسي يجبرني على ذلك، كيف أجبرك؟ قال: لو لم أفعل ذلك لنقلني عن مكاني، أو لسحب مني المسئولية، أو لحرمني من العلاوة إلى هذا الأمر.
طيب أتخشى من المخلوق ولا تخشى من الباري -جل وعلا -؟ الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل، وأقول -بحق-: في هذا الوقت -بالذات- مسألة العمل بالتنزيل مسألة تحتاج إلى حديث طويل، هل الناس الآن أو كثير من المسلمين وبالذات من يتولون أمور المسلمين، هل هم يعملون بالتنزيل فعلا ويتقون الله في ذلك؟ أو أنهم يطبقون الأنظمة أكثر من فهمهم لما في الكتاب والسنة؟
تأتي إلى بعضهم وتجده يحفظ الأنظمة حفظا دقيقا عجيبا، لكن تسأله عن حكم في الكتاب والسنة لا يفقه في ذلك شيئا، أين التقوى؟ المادة الفلانية تقول كذا، والنظام الفلاني يقول كذا، ولكن الآية الفلانية تقول كذا، والرسول r يقول كذا، ها ويبدأ في التفسيرات، ويبدأ في التأويل، ويبدأ بأقوال المفسرين وقول المحدثين، ولكنه النظام نص واحد لا يتجاوزه أبدا.
والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل؛ نحن ما قنعنا -أيها الأحبة- بالكثير فكيف نقنع بالقليل؟ والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل هذا الأمر المنسي.
وقال بعض العلماء: التقوى أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وقال بعضهم: التقوى أن تهتم بتزيين سرك ومخبرك أكثر من اهتمامك بتزيين مظهرك، نحن نهتم بلباسنا، بشكلنا، ببيوتنا، بسياراتنا، ولكن هل نهتم بداخلنا كما نهتم بهذه المظاهر؟
كل منكم يجيب على نفسه تجده يهتم بشكل البيت وخارجه ومظهره ومجلسه اهتماما عجيبا، حتى لو وجد خللا إذا كانت لديه مناسبة لغضب على أهله غضبا شديدا، وتجده يهتم بسيارته، بل يوجد من ينظفها يوميا، وتجده يهتم بلباسه ومظهره، أقول: التقوى أن تهتم -كما قال أحد العلماء- بتزيين سرك ومخبرك وباطنك أكثر من اهتمامك بمظهرك، هذه معاني -كما عرفها السلف -رضوان الله عليهم- عن قضية التقوى.